الأرض لم تعد تحتمل.. الرئيس البرازيلي يطلق نداء التحول الأخضر قبيل مؤتمر المناخ
الأرض لم تعد تحتمل.. الرئيس البرازيلي يطلق نداء التحول الأخضر قبيل مؤتمر المناخ
وجّه الرئيس البرازيلي لويس إيناسيو لولا دا سيلفا الجمعة دعوة صريحة إلى العالم من أجل التخلص التدريجي العادل والمنظم من الوقود الأحفوري، في كلمة حملت طابعًا سياسيًا قويًا خلال اليوم الثاني من قمة قادة العالم التي تسبق مؤتمر المناخ كوب30 المزمع عقده في مدينة بيليم البرازيلية.
تأتي تصريحات لولا بعد عامين من الالتزام التاريخي الذي خرج به مؤتمر كوب 28 في دبي بشأن خفض الاعتماد على الوقود الأحفوري، ورغم أن هذا الملف لم يُدرج رسميًا ضمن جدول أعمال مؤتمر بيليم، فإن البرازيل تسعى إلى إعادته إلى محور النقاشات العالمية، حتى وهي في موقع الدولة الثامنة عالميًا في إنتاج النفط، وفي ظل غياب دول رئيسية منتجة مثل الولايات المتحدة وفق فرانس برس.
الأرض لم تعد تحتمل
قال لولا في افتتاح جلسة التحول في مجال الطاقة إن كوكب الأرض لم يعد قادرًا على تحمل نموذج التنمية القائم على الاستخدام المكثف للوقود الأحفوري، وهو النموذج الذي ساد خلال القرنين الماضيين، وأضاف أن العالم بحاجة إلى خارطة طريق جديدة تتجاوز هذا الاعتماد، رغم الجدل الذي يحيط بسياسات بلاده النفطية.
الدعوة التي أطلقها الرئيس لولا أثارت المفاجأة في الأوساط البيئية، إذ تأتي بعد فترة وجيزة من بدء بلاده عمليات تنقيب جديدة عن النفط قبالة سواحل الأمازون، الأمر الذي أثار انتقادات من نشطاء البيئة وممثلي الشعوب الأصلية الذين يخشون انعكاسات ذلك على النظام البيئي في المنطقة. لكن لولا شدد على أن عائدات النفط ستُستخدم في تمويل التحول المناخي لبناء اقتصاد أكثر استدامة.
يشارك في القمة وزراء ورؤساء دول وحكومات من مختلف أنحاء العالم، قبل انطلاق أسبوعين من المفاوضات المكثفة في مؤتمر كوب 30 التي تشكل أول مؤتمر من نوعه يُعقد في منطقة الأمازون، ورغم تراجع الزخم العالمي لقضية المناخ أمام التوترات الجيوسياسية، فإن بعض الدول الأوروبية تواصل تأكيد التزامها بخفض الانبعاثات بنسبة تصل إلى تسعين في المئة بحلول عام 2040.
أصوات من الجزر المهددة
حذر قادة الدول الجزرية الصغيرة من أن مستقبلهم بات على المحك بسبب الأعاصير المتزايدة وارتفاع مستوى مياه البحر، وقال رئيس أرخبيل بالاو سورانغيل ويبس إن التحول نحو التخلي عن الوقود الأحفوري أصبح أمرًا محوريًا، معربًا عن قلقه من تراجع بعض الدول عن التزاماتها المناخية.
الأمين التنفيذي لاتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ سيمون ستيل دعا إلى تسريع العمل في جميع الاتجاهات، مشيرًا إلى أن العام الماضي شهد استثمار ألفي مليار دولار في الطاقة المتجددة، وهو ضعف ما استُثمر في الوقود الأحفوري، في مؤشر على تغير المسار العالمي.
البرازيل تطمح إلى خطوة جديدة
تأمل الحكومة البرازيلية أن تُدرج مسألة التخلي عن الوقود الأحفوري رسميًا في جدول أعمال مؤتمر كوب 30، غير أن السكرتير التنفيذي لوزارة البيئة جواو كابوبيانكو أكد أن الوصول إلى اتفاق فعلي أمر صعب في ظل الحاجة إلى توافق بين مئتي دولة.
صوت الشعوب الأصلية
رحبت الباحثة البرازيلية أدنا ألبوكيركي بموقف لولا، معتبرة أن مؤتمر كوب 30 يمكن أن يمثل خطوة كبيرة إلى الأمام إذا توفرت الإرادة السياسية، وتشارك ألبوكيركي في الإشراف على قرية كوب، وهي مساحة تستقبل آلاف المشاركين من السكان الأصليين من مختلف أنحاء العالم خلال فعاليات المؤتمر.
مبادرات وتمويلات جديدة
تتجه مجموعة من الدول، منها فرنسا وإسبانيا وكينيا، إلى اقتراح فرض ضرائب على الدرجة الأولى لشركات الطيران والطائرات الخاصة خلال المؤتمر. كما أطلقت البرازيل صندوقًا استثماريًا للحفاظ على الغابات المدارية بإسهامات من النرويج وإندونيسيا وفرنسا والبرتغال وألمانيا، مع تعهد ألماني بدعم مالي كبير للصندوق.
تُعد مؤتمرات الأطراف المعروفة باسم كوب (COP) جزءًا من اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ، وهي الملتقى السنوي الأبرز الذي يجمع قادة العالم وصناع القرار لمناقشة سبل مواجهة ظاهرة الاحتباس الحراري، ومنذ مؤتمر باريس عام 2015 الذي أُقر فيه اتفاق تاريخي للحد من ارتفاع درجة حرارة الأرض، تسعى هذه المؤتمرات إلى إيجاد توازن بين النمو الاقتصادي والحفاظ على البيئة، ويأتي مؤتمر كوب 30 في بيليم ضمن سياق دولي متشابك يختبر جدية الدول في تنفيذ تعهداتها السابقة، خاصة تلك المتعلقة بالتخلي عن الوقود الأحفوري وتعزيز الاستثمارات في الطاقة النظيفة.











